الشرق تريبيون- متابعات
في مشهد يعكس حرص وادي السيليكون على كسب ود الإدارة الأمريكية، تسابقت أكبر شركات التكنولوجيا في العالم لإظهار دعمها لمبادرة الذكاء الاصطناعي التعليمية، التي تقودها السيدة الأولى ميلانيا ترامب، وجمع البيت الأبيض أبرز الوجوه في عالم التكنولوجيا، في حدث يذكّر بحفل تنصيب الرئيس ترامب عندما تدفق قادة التكنولوجيا بعد تبرعهم بملايين الدولارات للجنة التنصيب، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
تنافس على الولاء
تشهد شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى تنافسًا شرسًا لإظهار الولاء لإدارة ترامب منذ انتخابه العام الماضي، ساعية وراء تخفيف القيود التنظيمية والحصول على دعم حكومي أكبر والإعفاء من الرسوم الجمركية، كما تواجه العديد من هذه الشركات تهديدات بالتفكيك في إطار دعاوى مكافحة الاحتكار الحكومية.
وأثبتت التجربة أن معارضة الرئيس محفوفة بالمخاطر، إذ هاجم ترامب شركات بعينها وهدد بفرض رسوم جمركية مستهدفة ضد مجموعات مثل أبل، لإجبارها على الانسجام مع أجندته حول تعزيز التصنيع الأمريكي وتحمل تكاليف الرسوم الجمركية، وفق ما ذكرته الصحيفة البريطانية.
التزامات مالية ضخمة
خلال الفعالية التي ضمت مأدبة عشاء مع الرئيس ترامب، أعلنت الشركات التزامات مالية ضخمة، إذ كشفت شركة مايكروسوفت عن دعمها للمبادرة من خلال تقديم استخدام مجاني لتقنية الذكاء الاصطناعي "Copilot" لجميع طلاب الجامعات الأمريكية، كما تعهد الرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا، بتوسيع البرنامج ليشمل طلاب المدارس الابتدائية والثانوية والمعلمين ضمن التزام الشركة بالتبرع بـ4 مليارات دولار نقدًا وخدمات ذكاء اصطناعي للتعليم، خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأعرب "ناديلا" في فيديو على منصة "X" عن امتنانه قائلًا: "ممتنون جدًا للرئيس والسيدة الأولى والإدارة بأكملها لجعل إعداد الجيل القادم لاستغلال قوة الذكاء الاصطناعي أولوية وطنية".
وانضم سوندار بيتشاي من جوجل إلى سباق الاستثمارات بالكشف عن خطة شركته لاستثمار مليار دولار في التعليم المدعوم بالذكاء الاصطناعي على مدار ثلاث سنوات، معبرًا عن شرفه لدعم "تحدي الذكاء الاصطناعي الرئاسي للسيدة الأولى"، ومشيدًا بدورها في إلهام الشباب.
برامج التوظيف والتدريب
لم تقتصر المبادرات على الاستثمارات المالية فحسب، بل امتدت لتشمل برامج عملية للتوظيف والتدريب، إذ أعلن سام ألتمان الشريك المؤسس لشركة OpenAI، إطلاق منصة توظيف جديدة وبرنامج اعتماد بالتعاون مع أرباب العمل الكبار مثل وول مارت، مع التزام طموح باعتماد 10 ملايين أمريكي بحلول عام 2030، بعد إكمالهم تدريب الذكاء الاصطناعي عبر المنصة الإلكترونية للشركة، حسب ما نقلته فايننشال تايمز.
يُذكر أن ألتمان قضى هذا العام في بناء علاقات مع إدارة ترامب بعد انتقاده السابق للرئيس، إذ عرض تقنيات شركته على المشرعين وموظفي البيت الأبيض مع تأكيد الأثر المحتمل للذكاء الاصطناعي على الاقتصاد الأمريكي.
حضور لافت وغيابات مثيرة
ضمت قائمة المدعوين للفعالية وجوهًا بارزة في عالم التكنولوجيا، منهم الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت ساتيا ناديلا، وتيم كوك من أبل، إلى جانب مارك زوكربيرج من Meta، وبيل جيتس مؤسس مايكروسوفت، وسيرجي برين مؤسس جوجل، والرئيسة التنفيذية لشركة Oracle صفرا كاتز، وشيام سانكار من Palantir، إضافة إلى ألكسندر وانج مؤسس Scale AI الذي يعمل حاليًا في Meta، وجاريد إيزاكمان المرشح السابق لقيادة ناسا والمستثمر في SpaceX التابعة لماسك، وفقًا لما أكده مسؤول في البيت الأبيض للصحيفة البريطانية.
لكن الغياب الأكثر إثارة للانتباه كان غياب إيلون ماسك، مالك شركة الذكاء الاصطناعي xAI، الذي دخل في صراع علني مع ترامب في وقت سابق من العام بعد قيادته لما يُسمى "وزارة الكفاءة الحكومية".
وأكد ماسك أنه تلقى دعوة لكنه أرسل ممثلًا عنه بدلًا من الحضور شخصيًا.
مبادرة ميلانيا ترامب
تأتي هذه التطورات في إطار "التحدي الرئاسي للذكاء الاصطناعي"، الذي أطلقته السيدة الأولى ميلانيا ترامب، أغسطس الماضي، الذي يهدف إلى تعزيز اهتمام الطلاب والمعلمين بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وانضمت أكثر من مائة جهة للتوقيع على دعم هذا المخطط التعليمي، بينما أكدت ميلانيا ترامب خلال الفعالية أنه "يجب أن نضمن أن موهبة أمريكا وقوتها العاملة مستعدة لاستدامة تقدم الذكاء الاصطناعي".
ومن المثير للاهتمام أن السيدة الأولى تبنت أيضًا موقفًا مؤيدًا لفرض ضوابط أقوى على الصور ومقاطع الفيديو المُنتجة صناعيًا، إذ دعمت قانون "Take It Down" الذي يجرّم نشر المواد الإباحية أو التزييف العميق ويلزم شركات التكنولوجيا بإزالة مثل هذا المحتوى في غضون 48 ساعة.